responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح نویسنده : القاري، الملا على    جلد : 3  صفحه : 1105
وَفِي بَعْضِ كَلَامِهِ بَحْثٌ، وَهُوَ أَنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَيْهِمُ الْخُلُودُ بِخِلَافِ الْأُمَمِ ; لِأَنَّهُ يَخْلُو مِنْ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْأُمَّةِ أُمَّةُ الْإِجَابَةِ، أَوْ أُمَّةُ الدَّعْوَةِ، وَلَا يَصِحُّ الثَّانِي فَإِنَّهُ تَعَالَى قَالَ: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ} [النساء: 48] وَالْقَضِيَّتَانِ فِي الْأُمَمِ كُلِّهَا مُتَسَاوِيَتَانِ، فَالصَّوَابُ أَنْ يُحْمَلَ عَلَى الشَّفَاعَةِ الْعَامَّةِ الْمُخْتَصَّةِ بِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - لِأُمَّتِهِ الْمَرْحُومَةِ. (فَخَرَرْتُ سَاجِدًا لِرَبِّي: وَلَمْ يَقُلْ هُنَا: شُكْرًا لِمَا سَبَقَ مُكَرَّرًا. قَالَ الْمُظْهِرُ: لَيْسَ مَعْنَى الْحَدِيثِ أَنْ يَكُونَ جَمِيعُ أُمَّتِهِ مَغْفُورِينَ بِحَيْثُ لَا تُصِيبُهُمُ النَّارُ ; لِأَنَّهُ يُنَاقِضُ كَثِيرًا مِنَ الْآيَاتِ، وَالْأَحَادِيثُ الْوَارِدَةُ فِي تَهْدِيدِ آكِلِ مَالِ الْيَتِيمِ، وَالرِّبَا، وَالزَّانِي، وَشَارِبِ الْخَمْرِ، وَقَاتِلِ النَّفْسِ بِغَيْرِ حَقٍّ وَغَيْرِ ذَلِكَ، بَلْ مَعْنَاهُ: أَنَّهُ سَأَلَ أَنْ يَخُصَّ أُمَّتَهُ مِنْ سَائِرِ الْأُمَمِ بِأَنْ لَا يَمْسَخَ صُوَرَهُمْ بِسَبَبِ الذُّنُوبِ، وَأَنْ لَا يُخَلِّدَهُمْ فِي النَّارِ بِسَبَبِ الْكَبَائِرِ، بَلْ يُخْرِجُ مِنَ النَّارِ مَنْ مَاتَ فِي الْإِسْلَامِ بَعْدَ تَطْهِيرِهِ مِنَ الذُّنُوبِ، وَغَيْرُ ذَلِكَ مِنَ الْخَوَاصِّ الَّتِي خَصَّ اللَّهُ تَعَالَى أُمَّتَهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - مِنْ بَيْنِ سَائِرِ الْأُمَمِ، وَفِيهِ نَظَرٌ ; لِأَنَّ السُّنَّةَ كَمَا دَلَّتْ عَلَى ذَلِكَ دَلَّتْ عَلَى هَذَا، كَذَا الْكِتَابُ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا} [الزمر: 53] وَقَوْلِهِ: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ} [النساء: 48] ، وَالْعَفْوُ مِنَ الْكَرِيمِ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ أَرْجَى مِنَ الْعَذَابِ، وَاللَّهُ أَكْرَمُ الْأَكْرَمِينَ. وَأَمَّا دُخُولُ النَّارِ فَلَيْسَ إِلَّا تَحِلَّةَ الْقَسَمِ خِلَافًا لِلْمُعْتَزِلَةِ اهـ. وَلَمْ يَظْهَرْ وَجْهُ نَظَرِهِ.
وَأَمَّا قَوْلُهُ: لِأَنَّ السُّنَّةَ كَمَا دَلَّتْ عَلَى ذَلِكَ أَيْ: عَلَى تَعَذُّبِ أَهْلِ الْكَبَائِرِ دَلَّتْ عَلَى ذَلِكَ أَيْ: عَلَى غُفْرَانِهِمْ، فَأَقُولُ: لَا تَنَافِيَ بَيْنَهُمَا عَلَى مَا هُوَ مُقَرَّرٌ فِي الْعَقَائِدِ مِنْ أَنَّهُمْ يُعَذَّبُونَ فِي الْجُمْلَةِ أَوَّلًا، ثُمَّ يُغْفَرُ لِجَمِيعِهِمْ ثَانِيًا، وَكَذَلِكَ الْحُكْمُ بَيْنَ الْآيَتَيْنِ، فَإِنَّ الثَّانِيَةَ مُحْكَمَةٌ، وَالْأُولَى إِمَّا مَنْسُوخَةٌ أَوْ مُئَوَّلَةٌ، بِأَنَّ اللَّامَ فِي الذُّنُوبِ لِلْعَهْدِ، وَالْمُرَادُ مَا عَدَا الْكُفْرِ، أَوِ الِاسْتِغْرَاقُ، فَيَكُونُ مُقَيَّدًا بِالتَّوْبَةِ. قَالَ الْقَاضِي: وَكَانَتْ شَفَاعَتُهُ فِي الْأُمَّةِ فِي أَنْ لَا يُخَلِّدَهُمْ فِي النَّارِ، وَيُخَفِّفَ وَيَتَجَاوَزَ عَنْ صَغَائِرِ ذُنُوبِهِمْ تَوْفِيقًا بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا ذُكِرَ فِي الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ عَلَى أَنَّ الْفَاسِقَ مِنْ أَهْلِ الْقِبْلَةِ يَدْخُلُ النَّارَ.
قَالَ الطِّيبِيُّ: يُفْهَمُ مِنْ كَلَامِ الْقَاضِي وَالْمُظْهِرِ: أَنَّ الشَّفَاعَةَ مُؤَثِّرَةٌ فِي الصَّغَائِرِ، وَفِي عَدَمِ الْخُلُودِ فِي حَقِّ أَهْلِ الْكَبَائِرِ بَعْدَ تَمْحِيصِهِمْ بِالنَّارِ، وَلَا تَأْثِيرَ لِلشَّفَاعَةِ فِي حَقِّ أَهْلِ الْكَبَائِرِ قَبْلَ الدُّخُولِ فِي النَّارِ، وَقَدْ رُوِيَ عَنِ التِّرْمِذِيِّ، وَأَبِي دَاوُدَ عَنْ أَنَسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «شَفَاعَتِي لِأَهْلِ الْكَبَائِرِ مِنْ أُمَّتِي.» وَعَنِ التِّرْمِذِيِّ، عَنْ جَابِرٍ: مَنْ يَكُنْ مِنْ أَهْلِ الْكَبَائِرِ فَمَا لَهُ وَلِلشَّفَاعَةِ، وَالْأَحَادِيثُ فِيهَا كَثِيرَةٌ.
قُلْتُ: لَيْسَ فِيهَا مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الشَّفَاعَةَ لِأَهْلِ الْكَبَائِرِ قَبْلَ دُخُولِ النَّارِ، فَلَا مُنَافَاةَ لِمَا قَالَاهُ، ثُمَّ قَالَ: نَعَمْ يَتَعَلَّقُ ذَلِكَ بِالْمَشِيئَةِ وَالْإِذْنِ، فَإِذَا تَعَلَّقَتِ الْمَشِيئَةُ بِأَنْ تَنَالَ بَعْضَ أَصْحَابِ الْكَبَائِرِ قَبْلَ دُخُولِ النَّارِ وَأُذِنَ فِيهَا فَذَاكَ، وَإِلَّا كَانَتْ بَعْدَ الدُّخُولِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِحَقِيقَةِ الْحَالِ اهـ. وَفِيهِ أَنَّ الْمَشِيئَةَ إِذَا ثَبَتَ تَعَلُّقُهَا بِشَيْءٍ مِنْ قَبْلُ أَوْ بَعْدُ، فَلَيْسَ مَحَلُّ النِّزَاعِ لِلَّهِ الْأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ، وَأَنَّ الْأَمْرَ كُلَّهُ لِلَّهِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ. (رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَأَبُو دَاوُدَ) أَيْ: مِنْ طَرِيقِ عَامِرِ بْنِ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ، عَنْ أَبِيهِ بِإِسْنَادٍ جَيِّدٍ، وَسَكَتَ عَلَيْهِ أَبُو دَاوُدَ، وَأَقَرَّهُ الْمُنْذِرِيُّ، ذَكَرَهُ مِيْرَكُ.

[بَابُ الِاسْتِسْقَاءِ]
الْفَصْلُ الْأَوَّلُ
1497 - عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - قَالَ: «خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ بِالنَّاسِ إِلَى الْمُصَلَّى يَسْتَسْقِي، فَصَلَّى بِهِمْ رَكْعَتَيْنِ، جَهَرَ فِيهِمَا بِالْقِرَاءَةِ، وَاسْتَقْبَلَ الْقِبْلَةَ يَدْعُو، وَرَفَعَ يَدَيْهِ، وَحَوَّلَ رِدَاءَهُ حِينَ اسْتَقْبَلَ الْقِبْلَةَ» . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[52] بَابُ الِاسْتِسْقَاءِ
وَفِي نُسْخَةٍ صَحِيحَةٍ: بَابُ صَلَاةِ الِاسْتِسْقَاءِ، وَهِيَ فِي اللُّغَةِ طَلَبُ السُّقْيَا، وَفِي الشَّرْعِ طَلَبُ السُّقْيَا لِلْعِبَادِ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى عِنْدَ حَاجَتِهِمْ إِلَيْهَا بِسَبَبِ قِلَّةِ الْأَمْطَارِ، أَوْ عَدَمِ جَرْيِ الْأَنْهَارِ. قَالَ ابْنُ الْهُمَامِ: يَخْرُجُونَ لِلِاسْتِسْقَاءِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ، وَلَمْ يُنْقَلْ كَثِيرٌ مِنْهَا، مُتَوَاضِعِينَ مُتَخَشِّعِينَ فِي ثِيَابٍ خَلَقٍ مُشَاةً يُقَدِّمُونَ الصَّدَقَةَ كُلَّ يَوْمٍ بَعْدَ التَّوْبَةِ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى إِلَّا فِي مَكَّةَ وَبَيْتِ الْمَقْدِسِ، فَيَجْتَمِعُونَ فِي الْمَسْجِدِ. قَالَ ابْنُ حَجَرٍ: وَهُوَ أَنْوَاعٌ ثَلَاثَةٌ ثَابِتَةٌ بِالْأَخْبَارِ الصَّحِيحَةِ، أَدْنَاهَا مُجَرَّدُ الدُّعَاءِ فُرَادَى أَوْ مَعَ الِاجْتِمَاعِ لَهُ، رَوَى أَبُو عَوَانَةَ فِي صَحِيحِهِ: أَنَّ «قَوْمًا شَكَوْا إِلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَحْطَ الْمَطَرِ فَقَالَ: اجْثُوا عَلَى الرُّكَبِ ثُمَّ قُولُوا: يَا رَبِّ، يَا رَبِّ. فَفَعَلُوا فَسُقُوا» ، وَسَيَأْتِي أَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - اسْتَسْقَى عِنْدَ أَحْجَارِ الزَّيْتِ بِالدُّعَاءِ بِلَا صَلَاةٍ. قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَأَحْسَنُ هَذَا النَّوْعِ مَا كَانَ مِنْ أَهْلِ الصَّلَاحِ، وَأَوْسَطُهَا: الدُّعَاءُ عَقِبَ الصَّلَوَاتِ وَلَوْ نَوَافِلَ، وَفِي كُلِّ خُطْبَةٍ مَشْرُوعَةٍ، وَأَعْلَاهَا: بِالصَّلَاةِ وَالْخُطْبَةِ كَمَا يَأْتِي وَيُنْدَبُ تَكْرِيرُ الِاسْتِسْقَاءِ ; لِأَنَّهُ تَعَالَى يُحِبُّ الْمُلِحِّينَ فِي الدُّعَاءِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

نام کتاب : مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح نویسنده : القاري، الملا على    جلد : 3  صفحه : 1105
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست